الجزء الثاني من الفصل الاول من كتاب رقعة الشطرنج الكبرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-----------------------
ص14
القوة العظمى ا?ولى أصبحت الو?يات المتحدة في وضع فريد من نوعه بعد انهيـار غريمهـا المنـافس لهـا. وبالتالي، فهي تمثل ا?ن القوة العالمية ا?ولى و الوحيدة في آن، ومع ذلك فإن سـيادة أميركـا عالميًا تذكرنا في بع ض المجا?ت با?مبراطوريات السابقة، بالرغم من ا?بعاد ا?قليميـة التـي ميزت هذه ا?مبراطوريات. وهكذا، فقد بنت هذه ا?مبراطوريات قوتهـا علـى الـسلطة التـي مارستها على أتباعها، والخاضعين لها، محمياتها ومستعمراتها، علما أنها كانت تنظر عمومًا إلى الخارجين عن هذه السي طرة بوصفهم برابرة. وإلى درجة ما، فإن هذه التعابير المنطويـة علـى مفارقات تاريخية ليست كلها غير م?ئمة لبعض الدول التي تدور حاليًا في الفلـك ا?ميركـي. وعلى غرار الماضي فإن الممارسة " ا?مبريالية " ا?ميركية تشتق إلى حد كبيـر مـن التنظـيم ا?مثل، ومن قدرتها على تعب ئة موارد اقتصادية وتكنولوجية ضخمة ومعدة ?هداف عـسكرية، ومن ا?غراء الثقافي الغامض، والمتسم في الوقت ذاته با?همية والذي تتصف بـه طريقـة أو أسلوب الحياة ا?ميركية، ومن الدينامية الحادة والتنافسية المتأصلة لدى النخـب ) جمـع نخبـة( ا?جتماعية والسياسية ا?ميركية . كانت ا?مبراطوريات السابقة تتمتع بهذه السمات عمومًا. ولعل روما ترد أوً? إلى الـذهن . فقد أقيمت هذه ا?مبراطورية خ?ل قرنين ونصف قرن تقريبًا على توسع إقليمي دائـب نحـو الشمال أوً?، ومن ثم نحو الغرب والجنوب الشرقي، إضافة إلى تأكيد السيطرة البحرية الفعالـة على ش واطئ البحر ا?بيض المتوسط كلها. فمن الناحية الجغرافية، وصلت ذ روة التوسـع فـي 211 العام قبل المي?د ) انظر الخريطة.( كانت روما ذات سلطة سياسية مركزية وذات اقتـصاد يتمتع با?كتفاء الذاتي. أما سلطتها ا?مبريالية فقد مورست عن تعمد وقصد عبر منظومة معقـدة من التنظيما ت السياسية وا?قتصادية. وكذلك، فإن منظومة الطرق البرية والبحريـة المـصمم ة استراتيجيا، والمنطلق ة من العاصمة، سمحت بإعادة ا?نتشار السريع وبالحشد، كل ما حدث تهديـد أمني رئيس، للجيوش الرومانية المتوضعة في مختلف الدول التابعة، وفي المقاطعات الخاضـعة للدولة المركزية . 300 وفي ذروة ا?مبراطورية نشرت الجيوش الروما1نية في الخارج ما ? يقل عـن ألـف رجل، وهي قوة كبيرة وهامة جعلت من التفوق الروماني في التكتيك وا ?سـلحة حقيقـة فعليـة إضافة إلى قدرة المركز على التحكم بإعادة النشر السريعة نسبيًا. ) ومن المدهش أن نذكر أنه في ،1996 العام كانت أميركا، التي تشكل حاليًا القوة العظمى ذات التعداد السكاني ا?كبر بكثير م ن
----------------------------------------------------
ص15
------
سكان ا?مبراطورية الرومانية، 296 تحمى أماكن ا?متداد الخارجية لمناطق سيطرتها بوسـاطة ألف جندي محترف يتوضعون في ما وراء البحار . ومهما يكن من اثر فإن القوة ا?مبريالية لروما ك انت قد جاءت من حقيقـة نفـسية مهمـة. فالقول " أنا مواطن روماني " كان أرقى تعريف ممكن بالذات، ومصدر فخر واعتزاز، وطموحـًا يريد كل إنسان أن يحققه. وغالبًا ما كان يمنح ذلك حتى إلى الذين لم يكونـوا قـد ولـدوا فـي إمبراطورية روما، وكان هذا الوضع المتميز للمواطن الروماني ي عتبر تعبيرًا عن تفوق ثقـافي وتربوي يبرر ا?حساس بأصالة السلطة ا?مبريالية الرومانية. وهو ? يعني ا?نتماء إلى الحكـم الشرعي لروما فحسب، بل كان يجعل الخاضعين لهذه السلطة راغبين في أن يتم قبولهم وتمثلهم وإدخالهم في البنية ا?مبراطورية. فالتفوق الثقافي، الذي اع تبر أمرًا مسلمًا به من قبـل الحكـام ومعترفًا به من قبل ا?تباع المذعنين عمل في نهاية المطاف على تعزيز القوة ا?مبراطورية. ،وعمومًا فإن هذه القوة ا?مبريالية المثلى، 300 والتي لم يكن ينازعها أحد استمرت سنة . وباستثناء التحدي الذي فرض في مرحلة ما من قبل قرطاج ة المجاورة وعلى ا?طراف الشرقية ل?مبرا طورية اليونانية، فإن العالم الخارجي كان في معظمه بربريًا وغير منظم جيدا وغير قادر في غالب ا?حيان على القيام إ? بهجمات متفرقة ومشتتة، ناهيك عن تخلفه الثقافي. وطالما كانت ا?مبراطورية الرو مانية قادرة على المحافظة على الحيوية والوحـدة الـداخليتين، فـإن العـالم الخارجي كان غير قادر على المنافسة . ثمة أسباب ث?ثة رئيسة أدت إلى ا?نهيار الفعلي ل?مبراطورية الرومانية . فا?ول هـو أن ا?مبراطورية أصبحت كبيرة جدًا ولم يعد ممكنًا أن تحكم من مركز واحد، ولكن انقسامها إلـى نصفين غربي وش رقي دم? ر أوتوماتيكيًا الطابع ا?حتكاري لسلطتها. والثاني هو أن الفترة الطويلة ا?مد ل?حساس بالغطرسة وا?عتزاز خلقت مذهب المتعة الثقافي الذي عمل بالتدري ج على تآ كل رغبة النخبة السياسية في العظمة. والثالث هو أن التضخم الدائم عمل بدوره على نـسف قـدرة النظام على المحافظة على نفسه دون تضحيات اجتماعية، ا?مر الـذي لـم يعـد المواطنـون مستعدين للقيام به. وهكذا تأمر كل من التفتت الثقافي، وا?نقسام السياسي والتضخم المالي، لكي يجعلوا روما غير منيعة إز اء البرابرة الذين عاشوا على حدودها الخارجية. لم تكن روما، حسب المقاييس الم عاصرة الحالية، قوة عالمية حقيقية، بل كانت مجرد قـوة إقليمية. ومهما يكن ا?مر في ضوء ا?حساس بالعزلة التي كانت سائدة في ذلـك الوقـت بـين مختلف قارات العالم، فإن قوتها ا?قليمية كانت متحفظة ) وبتعبير ، أو محتواة ذاتيًا آخر مستهلكة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
16
ذاتيًا( ومعزولة، ولم يكن يوجد لها غريم مباشر أو حتى بعيد. وهكـذا، كانـت ا?مبراطوريـة الرومانية عالمًا قائمًا بحد ذاته علمًا أن تنظيمها السياسي المتفوق وتفوقها الثقافي جعـ? منهـا خليفة ل?نظمة ا?مبراطورية التي سبقتها وكانت ذات مساحات جغرافية أكبر منها . ومع كل ذلك، لم تكن ا?مبراطورية الروما نية فريدة في نوعها .فا?مبراطوري تان الرومانية والصينية ظهرتا معًا في نفس الوقت، بالرغم من أن أيا منهما لم تكن تعي وجود ا?خرى. وفي 221 العام قبل المي?د ) ،( وهو زمن الحروب البونية بين روما وقرطاجة نجد أن توحيد الـدول السبع الموجودة آنذاك في قوام ا?مبراطورية الصينية ا?ولى، من قبل "تشين" حثّ علـى بنـاء الجدار العظيم في الصين الشمالية لكي يعزل المملكة الداخلية عن عالم البربر الموجود وراءها . أ ما إمبرطورية هان ال?حقة، 140 التي بدأت تظهر في العام قبل المي?د، فقد كانت أكثر أهمية وتأثيرًا من حيث الحجم والتنظيم. وع ندما بدأت مرحلة المسيحية، كان عدد من يخضعون لسلطة هذه ا? 57 مبراطورية ? يقل عن مليون إنسان. وإن هذا العدد الكبير، الذي لم يسبق له مثيـل، كان دليً? على وجود سيطرة مركزية فعالة على نحو استثنائي، وعلى أن هذه الـسيطرة كانـت تمارس بوساطة نظام بيروقراطي مركزي وتأدبي. وتوسـع الحكـم ا?مبريـالي إلـى كوريـا ،( )الحالية وأجزاء من منغوليا، ومعظم الساحل الصيني )الحالي.( ولكن، ، وحسبما حدث لروما فقد أصبحت إمبراطورية هان مصابة بأمراض داخلية وتسارع أنهيارها الفعلي بسبب تقـسيمها 220 في العام قبل المي?د إلى ث?ث ممالك مستقلة. تضم ن التاريخ ال?حق للصين دورات توحيد وتوسع، ولكن جاءت بعدها فتـرات التفتـت والتشظي. وقد نجحت الصين، أكثر من مرة، في إقامة أنظمة إمبرياليـة ذات أحتـواء ذاتـي، ومعزولة، وغير معرضة لتحديات خارجية من قبل أي منافسين. ولم يلبـث التقـسيم الث?ثـي ا?طراف لمملكة هان أن انعك 589 س اتجاهه في العام بعد المي?د، مع ظهور شيء ما قريـب من النظام ا?مبريالي . ولكن فترة توكيد الذات أو التفوق ا?مبريالي العظيم للـصين اصـطدمت بالمانشوريين ) شعب منشوريا المنغولي ( وخاصة في أثناء الحكم المبكر لـس?لة تـشينغ. وفـي القرن الثامن عشر أصبحت الصين، مرة ثانية، ، إمبراطورية قوية الجناحين حيث أحيط مركزها ا?مبريالي )ا?مبراطوري( بدول من ا?تباع والمؤيدين، بما في ذلك كوريـا ) الحاليـة ( والهنـد الصينية، وتاي?ند وبورما، ونيبال. وهكذا أمتد الحكم الصيني من الـشرق ا?قـصى الروسـي )حاليًا( وعبر سيبيريا الجنوبية إلى بحيرة بايكال، وحتى كازاخستان ) ،( الحالية أيضًا ومن ثم نحو المحيط الهندي، الشمالية وباتجاه الخلف عبر ?وس وفيتنام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ص17
وعلى غرار الحالة الرومانية، فإن هذه ا?مبراطورية كانت ذات تنظيم مالي، واقتـصادي، وثقافي، وأمني معقد. فالسيطرة على مساحة كبيرة من ا?رض، وعلى ما يزيد 300 على مليون إنسان يعيشون فيها، كانت قد مورست عبر كل هذه الوسائل، ومع تشديد قـوي علـى سـلطة سياسية مركزية، ومدعومة بمنظومة خدمات للسعادة ) جمع ساعي أو مراسل( فعالة إلـى حـد كبير. وكانت ا?مبراطورية كلها مقسمة إلى أربع مناطق، تبدأ من العاصمة بكين )حاليًا بيجين( وتصل إلى مناطق حدودية تبعد مسافات يقطعها السعاة في أسبوع وأسبوعين، ، وث?ثة أسـابيع وأربعة أسابيع على التوالي. أما السلطة البيروقراطية المركزية، ، المدربة مهنيًا والمنتقاة علـى أساس التنافس والمهارة، فهي التي كانت تقدم مصادر القوة للوحدة . كانت هذه الوحدة قد عززت، ودع?مت، على غرار ما حدث في روما أيضًا بإحساس قـوي التأثير ومتجذر بعمق عن التفوق الثقافي الذي ازداد قوة في ظل الكونفوشيوسية التي كانت فلسفة ، مفضلة إمبراطوريًا ومع التشديد على ا?نسجام، والتسلسل الهرمي فـ ي الـسلطة وا?نـضباط. وعمومًا فإن الصين، أو ا?مبراط ورية السماوية، كان ينظر إليها على أنها مركز العـالم، مـع وجود برابرة فقط على حدودها وما وراء هذه الحدود. وأن كونك صينيًا يعني أنك مثقف، ولهذا السبب، فإن سائر العالم كان يدين للصين با?حترام وا?ذعان لرغباتهـا. وإن هـذا ا?حـساس الخاص بالتفوق تخلّ ل الرد الذي أعط اه ا?مبراطور الصيني، حتى في مرحلة تراجع النمو فـي الصين، في نهاية القرن الثامن عشر، إلى ملك بريطانيا العظمى جورج الثالث الذي كان مبعوثوه قد حاولوا إغراء الصين على الدخول في ع?قة تجارية من خـ?ل تقـديم بعـض المنتجـات الصناعية البريطانية، ح بوصفها هدايا تعبر عن سن النية: "نحن، ا?مبراطور، نأمر، السماء، بنعمة بتوجيهاتنا ملك إنكلترا أن يأخذ علما : فا?مبراطورية السماوية ا?ربعة ، التي تحكم الجميع ضمن البحار .... ? تثّ من ا?شياء النادرة والنفيسة... وليس لها أقل حاجة إلى صناعات ب?دكم.... ولذا فقـد ... أمرنا مبعوثيكم ا لمحترمين أن يعودوا بأمان إلى وطنهم. وأنت أيها الملك، يجـب عليـك أن تعمل بانسجام مع رغباتنا، وذلك بأن تقوى و?ءك لنا وأن تؤكد لنا الطاعة الدائمة." إن تراجع وسقوط عدة إمبرطوريات صينية عزي بصورة رئيسة إلى عوامل داخلية. فقـد انتصر المغول وفي وقت ?حق "البرابرة" الغربيون بسبب التعب الداخلي، والفـساد، ومـذهب المتعة، وا?نهيار ا?قتصادي، إضافة إلى أن ا?بداع العسكري عمـل علـى إضـعاف ا?رادة الصينية ثم على انهيارها. وهكذا، استغلت القوى الخارجية سوء ا?حوال الداخلية في الصين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ص18
وخاصة بريطانيا في حرب ا?فيون في ا?عوام ثم اليابان، بعد قرن من ذلـك التاريخ، حيث خلقت، بدورها، ، إحساسًا عميقًا با?ذ?ل الثقافي الذي أثار المشاعر الصينية عبـر القرن العشرين، وذلك بسبب الصدام بين إحساسهم التحذر بالتفوق الثقافي مـن ناحيـة، وبـين الحقائق السياسية المخزية لدولة الصين في فترة ما بعد ا?مبراطورية من ناحية ثانيـة. وعلـى غرار إمبراطورية روما، فان الصين ا?مبراطورية . تصنف حاليًا بوصفها قوة إقليمية ولكن هذه الدولة كانت لها تطلعات عالمية في فترة ذروتها، وذلك بمعنى أنه لم تكن توجد آنذاك أي دولـة أخرى قادرة على تحدي هذا الوضع ا?مبراطوري أو حتى على مقاومة أي توسع ?حق له، إذا كان هذا التوسع يمثل نزعة أو رغبة صينية. وكان النظام الصيني ذا احتواء ذاتي وقدرة ذاتيـة على ا?ستمرارية، واعتمد بصورة رئيسية على الهوية ا?تنية المشتركة، با?ضافة إلـى قـدرة محدودة نسبيًا في ممارسة السلطة ) نقل القوة ( المركزية إل ى الدول الخاضعة لها والموجودة على حدودها الجغرافية أو ذات ا?تنيات ا?جنبية . إن المركز ا?تني الكبير والمسيطر جعل من الممكن أن تقـوم الـصين بعمليـات تجديـد إمبراطورية دورية أو عمليات إحياء وترميم نشيطة. وفي هذا المجال، كانت الـصين مختلفـة تمامًا عن ا?مبراطوريا ، ت ا?خرى التي كانت فيها الشعوب ا?قل عددًا وذات الـدوافع ا?قـوى إلى الهيمنة، قادرة، خ?ل فترة زمنية ما على أن تفرض سيطرتها، وتستمر بها، على الـسكان ا?خرين من ذوي ا?تنيات ا?خرى. ومهما يكن ا?مر، فما أن انهارت الـسيطرة لمثـل هـذه ا?مبراطوريات ذات البنية المر الصغيرة، كزية حتى أصبحت عملية التجديد غير واردة. ولكي نجد ما يماثل إلى حد ما التعريف الحالي للقوة العالمية، يجب أن ن عود إلى الظـاهرة الهامة ل?مبراطورية المغولية. فقد ظهرت هذه ا?مبراطورية عبر صراع حـاد مـع خـصوم رئيسيين ومنظمين جيدًا. وكانت بين هؤ?ء المهزوم ين مملكتـا بولونيـا وهنغاريـا، وقـوات ا?مبراطورية الرومانية المقدسة، وعدة و?يات روسية، والخ?فة في بغداد، وحتى س?لة سـنغ في الصين، في وقت ?حق. أقام جينكيز خان وخلفاؤه، بعد أن هزم منافسيه ا?قليميين، سيطرة مركزية على ا?راضي التي احتلها، وبالتالي فإن علماء الجغرافيا السياسية الحاليين عر فوا هذه الكتلة من ا?راضي بأنها المنطقة المركزية أو المحورية الحيوية للقوة )الدولة( العالمية. وقد امتدت هـذه ا?مبراطوريـة القاري ة ا?وراسية من شواطئ بحر الصين إلى ا?ناض ول في آسيا الصغرى وأوروبا الوسـطى ) انظر الخريطة.( ولم يحدث ان وجدت سيطره مركزيه مماثله على مثال هذه المساحات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ص19
الواسعة من ا?راضي التي احتلتها ا?مبراطورية المغولية إ? في أيام الذروة للكتلـة الـصينية السوفيي الستالينية تية . كانت ا?مبراطوريات الرومانية، والصينية، والمغوليـة دو? إقليميـة حققـت طموحـات المتطلعين إلى امت?ك سلطة أو قوة عالمية. ، وفي حالة روما والصين، وحسبما ? حظنا سـابقًا فقد كانت بينهما ا?مبراطورية متطورة جدًا على الصعيدين السياسي وا?قتصادي، بينما مـارس المغول المنتشرون على نطاق واسع لتفوق "المركز "دورًا جامعًا ها مـًا. وفـي المقابـل، فـإن ا?مبراطورية ال مغولية حافظت على السيطرة السياسية با?عتماد، مباشر، على نحو على الغـزو العسكري الذي كان يليه التكيف مع الشروط المحلية . كانت السلطة ا?مبراطورية المغولية تعتمد إلى حٍد كبير على السيطرة العسكرية. وإذ كانت هذه السيطرة تتحقق با?ستخدام الذكي، الذي تنعدم فيه ال شفقة أو الرحمـة، للتكتيـك العـسكري المتفوق الذي جمع بين القدرة الكبيرة في الحركة السريعة والحشد المؤقت جيـدًا) فـي الوقـت ،(المناسب فإن الحكم المغولي لم يكن يملك نظامًا اقتصاديًا أو ماليًا ، منظمًا و? كانـت الـسلطة المغولية نابعة من أي إحساس أكيد بالتفوق الثقافي. وكان الحكام المغول قليلي العـدد جـدًا إذا أخذنا ذلك من منظور تمثي ل طبقة حاكمة قادرة على التكاثر الذاتي ومهما يكن ا? مر فإن غيـاب ذلك ا?حساس، من حيث الوعي الذاتي، بالتفوق الثقافي أو حتى ا?تني، هو الذي حـرم النخبـة ا?مبراطورية من الثقة الذاتية ال?زمة. وفي الحقيقة، فإن الحكام المغول أثبتوا أنهم حساسون جـدًا إزاء اسـتيعابهم تـدريجيًا أو ذوبانهم في الشعوب ا?كثر تقدمًا وثقافة التي استولوا عليها. وهكذا، فإن أحد أحفاد جينكيز خان الذي أصبح إمبراطورًا للجزء الصيني من مملكة الخان العظمى، أصبح داعية متحمسًا لمـذهب الكونفوشوسية، بينما أصبح حفيد آخر داعية متحمسًا ، ل?س?م في وظيفته كسلطان لب?د الفرس وكذلك، هؤ?ء، أصبح حفيد ثالث من الحاكم الثقافي الفارسي ?سيا الوسطى. ،وهكذا كان هذا العامل، أي استيعاب أو ذوبان الحكام في المحكومين، ومع غياب الثقافـة السياسية المسيطرة، إضافة إ لى المشك?ت غير القابلة للحل المتعلقة بخ?فة الخان الكبير الـذي . هو الذي ادى الى انهيارها في نهاية المطاف ، أسس ا?مبراطورية وقد أصبحت مملكة المغول كبيرة جدًا ولدرجة لم يعد ممكنًا معها أن تحكم من قبل مركز واحد، ولكن الحل الذي جرب في هذا المجال، أي تقسيم ا? ، مبراطورية إلى عدة أجزاء ذاتية ا?حتواء، هو الـذي حـثّ وحتـى بسرع ة أكبر على الذوبان المحلي ا?مر الذي س?رع، بدوره، التفتت ا?مبراطـوري. وبعـد أن ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ص20
استمرت أكبر إمبراطورية برية في العالم مدة قرنين، 1206 من العام ،1405 إلى العام اختفت دون أن تترك أثرًا. وبعد ذلك، أ صبحت أوروبا مركز القوة العالمية من ناحية، ومركز الصراعات مـن أجـل امت?ك القوة العالمية من ناحية ثانية. وفي الواقع، فخ?ل الث?ثة قرون تقريبًا، استطاع المحـيط الشمالي الغربي من القارة ا?وراسية أو يحقق، عبر القدرة على نقل القوة البحرية و?ول مـرة في التاريخ، س يطرة عالمية حقيقي ة عندما وصلت القوة ا?وروبية، إلى كل قارات العالم، وأثبتت وجودها في هذه القارت. ويجدر بالذكر أن القائمين بهذه السيطرة مـن ا?وروبيـين الغـربيين ا?مبراطوريين كانوا قلة من الناحية الديموغرافية، و? سيما إذا ما قورنوا بعدد الذين أخـضعوا لهم، ومع ذلك فمع بداية القرن العشرين، وخارج نصف الكرة الغربي ) الذي كان قـد خـضع أيضًا قبل قرنين للسيطرة ا?وروبية الغربية والذي كـان مـأهوً? فـي معظمـه بالمهـاجرين ،( ا?وروبيين وأحفادهم نجد أن الصين، وروسيا، وا?مبراطورية العثمانية، وأثيوبيا كانت وحدها متحررة من السيطر الغربية ة ا?وروبية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ص21
ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ــــــــــــــ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ )ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ( ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ١ ـ ﺍﻟﺘﻔﻭﻕ ﺍﻟﺒﺤﺭﻱ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻲ ٢ ـ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ٣ ـ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ ٤ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ٥ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ ـ٦ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻷﻁﻠﺴﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ٧ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻷﻁﻠﺴﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ ٨ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﻨﺩﻱ ٩ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ ١٠ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ . ﻭﻤﻬﻤﺎ ﻴﻜﻥ ﺍﻷﻤﺭ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﻟﻠﺤـﺼﻭل ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻘـﻭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ. ﻓﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻫﻲ ﺘﻠ ﻙ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘـﺔ ﺒـﺴﻴﺎﺩﺓ ﺃﻭﺭﻭﺒـﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴـﹰﺎ ﻭﺤﻀﺎﺭﻴﹰﺎ ﻭﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺎﺭﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺸﻅﻴﺔ. ﻭﺨﻼﻓﺎ ﻻﺤﺘﻼل ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﺍﺴﻴﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﻐﻭل ﺃﻭ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻹﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﻭﺴﻴﺔ ﻻﺤﻘﹰﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻟﻡ ﺘ ﺘﺤﻘﻕ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﺍﻻﻜﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭﺓ ﻋﺒﺭ ﺍ ﻟﻤﺤﻴﻁﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﺔ. ﻭﻤﻬﻤﺎ ﻴﻜﻥ ﺍﻷﻤﺭ، ﻓﻘﺩ ﺘﻀﻤﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺼﺭﺍﻋﹰﺎ ﻤﺴﺘﻤﺭﹰﺍ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﻤﺤﻤﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻓﺤﺴﺏ، ﺒل ﻭﻤﻥ ﺍﺠل ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻀﻤﻥ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺃﻴﻀﹰﺎ. ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺠﻴﻭﺒﻭﻟﻴﺘﻴﹰﺎ ﻓﻬﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻷﻭﺭﻭﺒﺎ ﻟﻡ ﺘﻨﺒﺜﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻤﻥ ﻗﺒـل ﺃﻱ ﻗﻭﺓ )ﺩﻭﻟﺔ (ﺒﻤﻔﺭﺩﻫﺎ ﺃﻭﺭﻭﺒﻴﺔ . ﻭﺒﺘﻌﺒﻴﺭ ﺃﻭﺴﻊ، ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺇﺴﺒﺎﻨﻴﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﻁﺭﺓ ﺤﺘﻰ ﻤﻨﺘ ﺼﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟـﺴﺎﺒﻊ ﻋﺸﺭ، ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻗﺩ ﻅﻬﺭﺕ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻗﻭﺓ ﺇﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺭﺌﻴﺴﺔ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺭﻭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ، ﻭﺘﺘﻤﺘـﻊ ﺒﻁﻤﻭﺤـﺎﺕ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ. ﻭﻗﺩ ﺨﺩﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻋﻘﻴﺩﺓ ﻤﻭﺤﺩﺓ، ﻭﻤﺼﺩﺭﹰﺍ ﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﻘﻴـﺎﻡ ﺒﺎﻟﻤﻬـﺎﻡ ﺍﻟﺘﺒـﺸﻴﺭﻴﺔ
٢٢
ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ، ﻓﻘﺩ ﺍﺤﺘﺎﺝ ﺍﻷﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻜﻴﻡ ﺒﺎﺒﻭﻱ ﺒﻴﻥ ﺇﺴـﺒﺎﻨﻴﺎ ﻭﻤﻨﺎﻓـﺴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴـﺔ، ﺍﻟﺒﺭﺘﻐﺎل، ﻟﻜﻲ ﻴﺘﻡ ﺇﻀﻔﺎﺀ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﺎﻻﺕ )ﻤﻨﺎﻁﻕ ( ﻜﻭﻟﻭﻨﻴﺎﻟﻴـﺔ ﺇﺴﺒ (١٤٩٤) ﺎﻨﻴﺔ ﻭﺒﺭﺘﻐﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﻫﺩﺘﻲ ﺘﻭﺭﺩﺒﺴﻴﻼ .(١٥٢٩) ﻭﺴﺎﺭﺍﻏﻭﺴﺎ ﻭﺒﺭﻏﻡ ﺫﻟـﻙ، ﻓـﺈﻥ ﺇﺴﺒﺎﻨﻴﺎ، ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺍﺠﻬﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ، ﻭﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻴﺔ، ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻁﻊ ﻗﻁ ﺍﻥ ﺘﺅﻜﺩ ﺴﻴﺎﺩﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎﺃ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺎﺕ ﻭ ﻋﺒﺭ . ﻭﻤﺎ ﻟﺒﺙ ﺒﺭﻭﺯ ﺇﺴﺒﺎﻨﻴﺎ ﺃﻥ ﺘﺨﻠﻰ ﻋ ﻥ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻓﺭﻨﺴﺎ. ،١٨١٥ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﺭﻨـﺴﺎ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﻁﺭﺓ، ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺘﻌﺭﻀﻬﺎ ﺒﺎﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻟﻠﺨﻁﺭ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻤﻨﺎﻓﺴﻴﻬﺎ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴـﻴﻥ، ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ. ﻭﻓﻲ ﻋﻬﺩ ﻨﺎﺒﻠﻴﻭﻥ ﻜﺎﺩﺕ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺘﻘﻴﻡ ﺴﻴﻁﺭﺓ ﺤﻘﻴﻘﻴ ﺔ ﻋﻠـﻰ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ. ﻭﻟﻭ ﻨﺠﺤﺕ ﺍﻨﺫﺍﻙ، ﻻ ﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺃ ﻥ ﺘﺤﻘﻕ ﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺃﻭ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴـﺔ ﺍﻟﻤـﺴﻴﻁﺭﺓ. ﻭﻤﻬﻤﺎ ﻴﻜﻥ ﺍﻷﻤﺭ، ﺍﻟﻘﺎﺭﻱ ﻓﺈﻥ ﻫﺯﻴﻤﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﺇﻗﺎﻤﺔ ﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ . ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ، ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻤﺎﺭ ﺴﺕ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ﺴﻴﻁﺭﺓ ﺒﺤﺭﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻟﻨﺩﻥ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎ ﺭﻱ ﺍﻟﺭﺌﻴ ﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ "ﻭ ﺤﻜﻤـﺕ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴـﺔ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ." ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ﻗﺩ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ، ﻓﺈﻥ ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻁﻊ، ﺸﺄﻨﻬﺎ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﻁﺎﻤﺤﻴﻥ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ، ﺃﻥ ، ﺘﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﺤﺩﻫﺎ. ﻭﻋﻭﻀﹰﺎ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ، ﻓﻘﺩ ﺍ ﻋﺘﻤﺩﺕ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺩﻴﺒﻠﻭﻤﺎﺴـﻴﺔ ﺘـﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻘـﻭﻯ ﺍﻟﻤﻌﻘﺩﺓ، ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻓﺎﻕ ﺍﻹﻨﻜﻠﻴﺯﻱ ـ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻟﻤﻨﻊ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﻘﺎﺭﻴﺔ ﻤـﻥ ﻗﺒـل ﺭﻭﺴـﻴﺎ ﺃﻭ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ. ﺃﻗﻴﻤﺕ ﺍﻹﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺒـﻴﻥ ﺍﻻﻜﺘـﺸﺎﻑ، ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ، ﻭﺍﻟﻐﺯﻭ. ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺍﻨﺒﺜﻘﺕ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺭﺍﺭ ﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻟﻸﺴﻼﻑ ﺍﻟﺭﻭﻤـﺎﻨﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟـﺼﻴﻨﻴﻴﻥ ﻭﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﻴﻥ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻭﺍﻷﺴﺒﺎﻥ، ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺠﻡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻟﻘﻭﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺒﻘﻴﺔ ﻤﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺃﻫﻤﻴـﺔ ﺍﻟﺘﻔـﻭﻕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻲ . ﻭﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﻭﻕ ﻤﺠﺭﺩ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﺠﺯﻴﺔ ﺫﺍﺘﻴﺔ ﻤـﻥ ﻗﺒـل ﺍﻟﻁﺒﻘـﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤـﺔ ﺍﻹﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻴﺔ، ﺒل ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ ﺫﺍﺕ ﺃ ﻓﻕ ﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﺍﺸﺘﺭﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﻴﻥ . ﻭﻗﺩ ﻗﺎل ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻨﻴﻠﺴﻭﻥ ﻤﺎﻨﺩﻴﻼ، ﺃﻭل ﺭﺌﻴﺱ ﺃﺴﻭﺩ ﻟﺩﻭﻟﺔ ﺠﻨﻭﺏ ﺇﻓﺭﻴﻘﻴﺎ" : ﻜﻨﺕ ﻗـﺩ ﺭﺒﻴﺕ ﺃﻭ ﻨﺸﺄﺕ ﻓﻲ ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺔ، ﻭﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻴﻪ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﻤﻭﻁﻥ ﻜل ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻷﻓـﻀل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ . ﻭﻟﻡ ﺃﻨﺒﺫ ﺠﺎﻨﺒﹰﺎ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻟ ﺫﻱ ﻤﺎﺭﺴﺘﻪ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎﻥ ﻋﻠـﻲ." ﻭﻋﻤﻭﻤﹰﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻔﻭﻕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻜﺩ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻨﺎﺠﺢ، ﻭﺃﺜﺭ ﺒﻬﺩﻭﺀ، ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻹﻗـﻼل ﻤـﻥ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻗﻭﺍﺕ ﻋﺴﻜﺭﻴﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤـﻥ ﺃﺠـل ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅـﺔ ﻋﻠـﻰ ﻗـﻭﺓ ﺍﻟﻤﺭﻜـﺯ ﺍﻹﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻱ ﺃﻭ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻲ . ١٩١٤ ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻜﺎﻨﺕ ﺁﻻﻑ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤـﻭﻅﻔﻴﻥ ،
٢٣
ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﻴﻥ ﺘﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﺃﺤﺩ ﻋﺸﺭ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻤﻴل ﻤﺭﺒﻊ ﻭﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻏﻴﺭ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻲ. ١ ـ ١٩١٤-١٨٦٠ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺫﺭﺓ ٢ ـ ﻨﻘﺎﻁ ﺍﻻﺨﺘﻨﺎﻕ)ﺍﻹﺠﺒﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﺭﺍﺕ (ﻗﺒ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ل ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ٣ ـ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻲ ﺍﻟﺘﻔﻭﻕ ﺍﻟﺒﺤﺭﻱ ٤ ـ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ٥ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ٦ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ ٧ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻷﻁﻠﺴﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ٨ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻷﻁﻠﺴﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ ٩ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﻨﺩﻱ -ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ١٠ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ١١- ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ ﻭﺒﺎﺨﺘﺼﺎﺭ، ﻓﺈﻥ ﺭﻭﻤﺎ ﻤﺎﺭﺴﺕ ﺴﻠﻁﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺤٍﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻋﺒﺭ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﻋﺴﻜﺭﻱ ﻤﺘﻔﻭﻕ ﻭﺇﻏـﺭﺍﺀ ﺜﻘﺎﻓﻲ . ﻭﺍﻋﺘﻤﺩﺕ ﺍﻟﺼﻴﻥ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺠﻬﺎﺯ ﺒﻴﺭﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻜﻑﺀ ﻟﻴﺤﻜﻡ ﺇﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻴﺔ ﺘـﺴﺘﻨﺩ، ﺒﺩﻭﺭﻫﺎ، ﺇﻟﻰ ﻫﻭﻴﺔ ﺍﺘﻨﻴﺔ ﻤﺸﺘﺭﻜﺔ، ﻤﻌﺯﺯﺓ ﺴﻴﻁﺭﺘﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﺇﺤﺴﺎﺱ ﻤﺘﻁﻭﺭ ﺠﺩﹰﺍ ﺒﺎﻟﺘﻔﻭﻕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ . ﺃﻤﺎ ﺍﻹﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻐﻭﻟﻴﺔ ﻓﻘﺩ ﺠﻤﻌﺕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻙ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺯﻭ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴـﺔ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻴل ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﺒﻭﺼﻔﻬﻤﺎ ﺃﺴﺎﺴـﹰﺎ ﻟﻠﺤﻜـﻡ . ﻭﻟﻜـﻥ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﻴﻥ ) ﺸﺄﻨﻬﻡ ﺸﺄﻥ ﺍﻷﺴﺒﺎﻥ ﻭﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻴﻥ ( ﺤﻘﻘﻭﺍ ﺍﻟﻅﻬﻭﺭ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻋﻨـﺩﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻋﻼﻤﻬﻡ) ﺠﻤﻊ ﻋﻠﻡ ﺃﻭ ﺭﺍﻴﺔ ( ، ﺘﺘﺒﻊ ﺘﺠﺎﺭﺘﻬﻡ ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﻌﺯﻴﺯ ﺴﻴﻁﺭﺘﻬﻡ ﺒﺎﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻟﻤﺘﻔﻭﻕ ﻭﺒﺎﻟﻌﺎﻤل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺴﻡ . ﻭﻟﻜﻥ ﺃﻱ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻴﺎﺕ ﻟﻡ ﻴﻜـﻥ ﻋﺎﻟﻤﻴـﹰﺎ . ﻭﺤﺘـﻰ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻗﻭﺓ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻌﹰﻼ . ﻓﻬﻲ ﻟﻡ ﺘﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺤﻘﻘـﺕ ﺍﻟﺘـﻭﺍﺯﻥ ﻓﻴﻬﺎ . ﻭﻫﻜﺫﺍ، ﻜ ﺎﻨﺕ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺭﺓ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻟﻠﺘﻔﻭﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺭﻭﺯ ﺍﻟـﺩﻭﻟﻲ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁـﺎﻨﻲ، ﻜﻤـﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺩﻤﻴﺭ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﻷﻭﺭﻭﺒﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺩﺩ ﺤﺘﻤﹰﺎ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺔ.
٢٤
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒل، ﻓﺈﻥ ﺃﺒﻌﺎﺩ ﻨﻔﻭﺫﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ ﺤﺎﻟﻴﹰﺎ ﻫـﻲ ﻓﺭﻴـﺩﺓ ﻓـﻲ ﻨﻭﻋﻬـﺎ . ﻓﺎﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻻ ﺘﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺒﺤﺎﺭ ﻭﻤ ﺤﻴﻁﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﺤﺴﺏ، ﺒل ﻁﻭﺭﺕ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻗﺩﺭﺓ ﻋﺴﻜﺭﻴﺔ ﺤﺎﺴﻤﺔ ﻟﻠﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﺒﺭﻤﺎﺌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻭﺍﻁﺊ ﻤﻤﺎ ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﻨﻘل ﻗﻭﺘﻬﺎ ﺒﻁﺭﺍﺌﻕ ﺃﻭ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﻫﺎﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ. ﻭﻫﻜﺫﺍ، ﻓﺈﻥ ﺠﻴﻭﺸﻬﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺘﺘﻭﻀﻊ ﺒﺜﺒﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴـﺔ ﻭﺍﻟـﺸﺭﻗﻴﺔ ﺒﺄﻭﺭﺍﺴﻴﺎ، ﻭﻫﻲ ﺘﺴﻴﻁﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻋل ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻔﺎﺭﺴﻲ. ﺍﻤﺎ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﻓﻠﻙ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ، ﺍﻟـﺫﻴﻥ ﻴﺘـﻭﻕ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺭﺴﻤﻴﹰﺎ ﺒﻭﺍﺸﻨﻁﻥ، ﻓﺈﻨﻬﻡ ﻤﻭﺠﻭﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﻜل ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﺭﺍﺴـﻴﺔ، ﻜﻤـﺎ ﺘﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﺭﻴﻁﺔ . ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ ١ ـ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ٢ ـ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﺔ ٣ ـ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ)ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ( ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻲ ﺍﻟ ٤ ـ ﺘﻔﻭﻕ ﺍﻟﺠﻴﻭﺒﻭﻟﻴﺘﻲ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻲ ٥ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ٦ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ ٧ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻷﻁﻠﺴﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ٨ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻷﻁﻠﺴﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ ﺍﻟﻬﻨﺩﻱ ٩ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ١٠ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻲ ١١ ـ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ . ﺘﺅﻤﻥ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴـﺔ ﺍﻟـﺴﻴﻁﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻟـﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ. ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ، ﻭﻓﻭﺭ ﺍﻨﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ، ﻭﻗﻑ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻲ ﺒﺸﻜل ﻤﺘﻤﻴﺯ ﻋﻥ ﻜل ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﺍﺕ ﺍﻷﺨﺭﻯ، % ٥٠ ﺤﻴﺙ ﺯﺍﺩﺕ ﺃﺭﻗﺎﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻨﺴﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟـﺴﻨﻭﻱ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﻜﻠﻪ. ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺼﺤﻭﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﺎﺒﺎﻥ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻷﻭﺴـﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺁﺴﻴﺎ، ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺤﺼﺔ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ ﻤﻥ ﺍﻟـﺩﺨل ﺍﻟﻘـﻭﻤﻲ ﺍﻟـﺴﻨﻭﻱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﺘﻘﻠﺹ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺃﻗل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺠﺩﺕ ﻓﻲ ﻓﺘـﺭﺓ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ. ﻭﺒﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ، ، ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺍﻨﺘﻬﺕ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺍﻟﻼﺤﻘﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺤﺼﺔ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﺴﻨﻭﻱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، ﻭﺒﺸﻜل ﺍﻜﺜﺭ ﺘﺤﺩﻴﺩﹰﺍ، ﺤﺼﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ، ﻗﺩ ﺍﺴﺘﻘﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺭﻗﻡ
٢٥
ﻴﺒﻠﻎ ﻨﺤﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺌﺔ، ﻋﻠﻤﹰﺎ ﺃ ﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﻗﻡ ﻜﺎﻥ ﻤﻌﺩﹰﻻ ﻭﺴﻁﻴﹰﺎ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻤﺎ ﻋﺩﺍ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﺎﺀﺕ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ. ﻭﺍﻷ ﻫﻡ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ، ﺃﻥ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ ﺤﺎﻓﻅﺕ ﻋﻠﻰ، "ﻭﺴﻌ ﻭﺤﺘﻰ ﺕ" ﺴﺒﻘﻬﺎ ﻓـﻲ ﺍﺴـﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻨﺠﺎﺤـﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ، ﻤﻤﺎ ﺠﻌﻠﻬﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﻤﺜﻴل ﻟﻬـﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻲ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﺍ ﻟﻭﺼﻭل ﺍﻟﻔﻌﺎل ﺇﻟﻰ ﻜﺎﻓﺔ ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ. ﻭﺨﻼل ﻜل ﺫﻟﻙ، ﺤﺎﻓﻅﺕ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺯﺍﻴﺎﻫﺎ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴـﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﺴﻤﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ. ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻁﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﺴﺎﺴﺔ ﻤﻥ ﺍﻗﺘـﺼﺎﺩ ﺍﻟﻐـﺩ ﻴﻭﺤﻲ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻻ ﻴﺤﺘ ، ﻤل ﺃﻥ ﺘﺘﺭﺍﺠﻊ ﻗﺭﻴﺒﹰﺎ ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺃﻥ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﻴﻥ ﻻ ﻴﺯﺍﻟﻭﺍ ﻤﺤﺎﻓﻅﻴﻥ ﻋﻠﻰ، ﺃﻭ ﺤﺘﻰ ﻤﻭﺴﻌﻴﻥ ﺘﻤﻴﺯﻫﻡ، ﻭﺴﺒﻘﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﺠـﺎﻻﺕ ، ﺍﻟﺤﺎﺴﻤﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﺎﻓﺴﻴﻬﻡ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﻴﻥ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻴﺎﺒﺎﻨﻴﻴﻥ. ﻭﺒﺎﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺃﻴﻀﺎ، ﻓﺈﻥ ﺭﻭﺴﻴﺎ ﻭﺍﻟﺼﻴﻥ ﻫﻤﺎ ﻗﻭﺘﺎﻥ ﺘﻐﺘﺎﻅﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ. ﻓﻔﻲ ﺒﺩﺍﻴـﺔ ،١٩٩٦ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﺒﺭﺕ ﻫﺎﺘﺎﻥ ﺍ ﻟﺩﻭﻟﺘﺎﻥ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺯﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻡ ﺒﻬﺎ ﺭﺌﻴﺱ ﺭﻭﺴﻴﺎ ﺒﻭﺭﻴﺱ ﻴﻠﺘﺴﻥ ﺇﻟﻰ ﺒﻜﻴﻥ )ﺒﻴﺠﻴﻥ.( ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ، ﻓﺈﻨﻬﻤﺎ ﺘﻤﺘﻠﻜﺎﻥ ﺘ ﺭﺴﺎﻨﺎﺕ ﻨﻭﻭﻴـﺔ ﻴﻤﻜﻨﻬـﺎ ﺃﻥ ﺘﻬـﺩﺩ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﻭﻴﺔ . ، ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻘﺎﺴﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟـﺭﺍﻫﻥ ﻭﻓـﻲ ﺍﻟﻤـﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻘﺭﻴﺏ، ﻭﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻨﻬﻤﺎ ﺘﺴﺘﻁﻴﻌﺎﻥ ﺸﻥ ﺤﺭﺏ ﻨﻭﻭﻴﺔ ﺍﻨﺘﺤﺎﺭﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﺃﻴﹰﺎ ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻨﺼﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﺏ. ﻭﺒﻤﺎ ﺃﻨﻬﻤﺎ ﺘﻔﺘﻘﺭﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻨﻘل ﺍﻟﻘﻭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺎﻓﺎﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﺒﻐﻴـﺔ ﻓﺭﺽ ﺇﺭﺍﺩﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ، ﻭﻨﻅﺭﹰﺍ ﺇﻟﻰ ﻜﻭﻨﻬﻤﺎ ﻤﺘﺨﻠﻔﺘﻴﻥ ﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﹰﺎ ﻋﻥ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ، ﻓﺈﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﺘﻤﻠﻜـﺎﻥ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻨﻔﻭﺫ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﺩﻋﻭﻡ ﻭﺩﺍﺌﻡ ﻓﻲ ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻜﻠﻪ، ﻭﻟﻥ ﻴﻤﻠﻜﺎ ﻗﺭﻴﺒﹰﺎ ﻤﺜـل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل . ﻭﺒﺎﺨﺘﺼﺎﺭ، ﻓﺈﻥ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ ﺘﺤﺘل ﻤﺭﺘﺒﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺤﺎﺴﻤﺔ ﺍﻷﺭﺒﻌﺔ ﻟﻠﻘـﻭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴـﺔ: ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻤﻠﻙ ﻓﻴﻪ ﻗﺩﺭﺓ ﻭﺼﻭل ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻻ ﻤﺜﻴل ﻟﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻤﺠـﺎل ﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺒ ﻘﻰ ﻓﻴﻪ ﺫﺍﺕ ﻗﺩﺭﺓ ﺘﺤﺭﻙ ﺭﺌﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ. ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻭﺍﺠﻬﺕ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺒﻌـﺽ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ﻭﺍﻟﻴﺎﺒﺎﻥ ) ﻻ ﺘﻤﻠﻙ ﺃﻱ ﺩﻭﻟﺔ ﻤﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﺯﺍﻴﺎ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻟﻠﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻲ ﺤﻴﺙ ﺘﺤﺎﻓﻅ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺤﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭ؛ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﻤﺘﻊ ﻓﻴﻪ، ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺎﺕ، ﺒﺈﻏﺭﺍﺀ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻤﻨﺎﻓﺴﺘﻪ، ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺒﻴﻥ ﺸﺒﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ، ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺩﻭﻟﺔ ﺘﻤﻠﻙ ﻨﻔﻭﺫﹰﺍ ﺴﻴﺎﺴﻴﹰﺎ ﻻ ﺘﻘﺘﺭﺏ ﺃﻱ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻥ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻘـﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﺎﻓﺴﺘﻪ. ﻭﻫﻜﺫﺍ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻷﺭﺒﻌﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﻌل ﻤﻥ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ ﺘﻠ ﻙ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺤﺼﺭﹰﺍ. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتظرو الجزء الثالث من الفصل الاول
*******************************